صرّح الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل عبد الكريم جراد لـ”JDD”، اليوم الاثنين 22 فيفري 2021، أنه منذ ما يزيد عن 20 عاما، تطلب رئاسة الحكومة في مطلع كل سنة إدارية من المنشآت والمؤسسات العمومية توفير تسبقة على معلوم انخراط الموظفين بالاتحاد العام التونسي للشغل.
وقال إن قيمة التسبقة تصل في بعض المؤسسات إلى 80 بالمائة ويقع اقتطاعها بمعدل 3 دينارات شهريا من جرايات الموظفين ولا تتحمل المؤسسات تكلفة الانخراط.
وفي تعقيب على التدوينة التي نشرتها الرئيسة المديرة العامة السابقة للخطوط التونسية ألفة الحامدي، أوضح جراد أنه لا صحّة لطلب الاتحاد مبلغا يقدر بالمليارات من الشركة، وبعملية حسابية بسيطة فإنّ قيمة التسبقة لن تصل إلى 300 ألف دينار في أقصى الحالات مشيرا إلى أنّ قيمة الاقتطاع في حدود 36 دينارا سنويا لكل موظف في حين أن عدد موظفي الناقلة الوطنية في حدود 8000 موظف.

اتحاد الشغل وراء الإقالة؟

أعلنت وزارة النقل صباح اليوم إعفاء ألفة حامدي من مهامها على رأس الخطوط التونسية بعد أقل من شهرين على تعيينها، وجاء قرار الوزارة بعد ساعات من نشر الحامدي تدوينة على صفحتها بموقع فيسبوك هاجمت فيها الأمين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي بدعوى أنه راسلها للمطالبة بتسبقة على معلوم انخراط أعوان المؤسسة، واصفة إياه بـ”الرجل غير مناسب، في المكان المناسب”.



وفي هذا الصدد قال، عضو المكتب التنفيذي عبد الكريم جراد، إنّ الاتحاد العام التونسي للشغل لا يُقيل أو يعيّن مسؤولين في الدولة لكن مغادرة الحامدي لتونيسار كانت منتظرة بسبب تهويلها وحديثها عن إصلاح 4 طائرات في أسبوع كما أن تجاوزها لرؤسائها ولقاء سفراء دول أجنبية دون علمهم كان موجبا للإقالة، وفق تعبيره.
من جانبه، صرّح رئيس مرصد رقابة والنائب السابق عماد الدايمي لـ”JDD”، أن طلب الحكومات المتعاقبة اقتطاع مبلغ الانخراط في الاتحاد مسبقا يدخل ضمن الحظوة التي يتمتع بها الاتحاد العام التونسي للشغل لدى الحكومات في إطار ترتيبات ضمان السكوت عن الأوضاع داخل المؤسسات العمومية مقابل حصوله على هذه الامتيازات.
واعتبر الدائمي أن ذلك يعد سوء تصرف من قبل الدول ومحاباة رغم أن القيمة المالية للانخراطات ليست كبيرة لكن المنشآت العمومية تعاني أزمة في ظل وجود ملفات فساد كبرى.

من اختار ألفة الحامدي؟

يقول نقابيون إن ألفة الحامدي كانت طلبت لقاء الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل طمعا في الحصول على منصب وزاري قبل تعيينها على رأس الخطوط التونسية كما تم تداول اسم الحامدي إعلاميا، أثناء تشكيل حكومة الحبيب الجملي بعد الانتخابات التشريعية الماضية وراجت حينها أخبار عن اقتراحها لمنصب وزيرة الشؤون الخارجية.
ثم ظهرت ألفة حامدي كإحدى أهم الكفاءات في مجال “المشاريع الكبرى” عالميا مقدمة نفسها كخبيرة دولية صاحبة علاقات واسعة وقادرة على إنقاذ “الغزالة” كما يحلو لها تسمية الناقلة الوطنية.
لكن تبيّن في وقت لاحق أنها قدمت معطيات مغلوطة وتلاعبت بالرأي العام، فكل ما كشفت عنه حول سيرتها الذاتية غير منطقي باعتبارها أكدت حصولها على 3 شهادات جامعية بين ليل الفرنسية والولايات المتحدة الأمريكية بين سنوات 2009 و2013.
وفي هذا الإطار، أكد عماد الدايمي وجود سوء تصرف في اختيار المسؤولين في ظل غياب معايير حقيقية والارتكاز بالأساس على الولاءات والعلاقات الشخصية والجهوية ومصالح المجموعات مشيرا إلى أن أهم التسميات طيلة السنوات الماضية كانت اعتباطية وعشوائية ولم تكن على أساس معايير دقيقة.
وأضاف أن الحكومة الحالية وحزامها السياسي يتحملون مسؤولية الاختيار الخاطئ لألفة الحامدي ووزير النقل على وجه الخصوص قائلا إن تعيينها لم يكن يراعي مصلحة شركة الخطوط التونسية لكن بغايات وأهداف سياسية قد تكون داخلية وخارجية، وفق قوله.
وانتقد الدايمي طريقة إقالة الرئيس المديرة العامة للناقلة الوطنية “تحت ضغط جهة نقابية”، وفق تعبيره.

وضعية معقدة في انتظار المنقذ

كشف الدايمي أنّ الخطوط التونسية ستمر خلال الأسبوع القادم باختبار من الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران المدني وقد توضع ضمن القائمة السوداء للخطوط الممنوعة من الدخول إلى التراب الأوروبي موضحا أن قرار الإقالة بعد أسابيع من التعيين سيلقي بظلاله على هذا التصنيف.

وتفيد تقارير إعلامية بأنّ الشركة خسرت في منتصف مارس 2020 نحو 36 مليون دينار بسبب تعليق الرحلات، لكن مشاكل الخطوط التونسية ليست جديدة فقد بدأت منذ العام 2011 وتفاقمت خاصة بعد تدهور قطاع السياحة وتراجع عائداته بسبب الهجمات الإرهابية.

وفشلت خطط إعادة هيكلة الشركة المتتالية، ولم يتمكن أي مسؤول عيّن لقيادتها من تقديم حلّ جذري، في المقابل تعيش الشركة أزمة مالية حادة، حيث ارتفعت رواتب موظفيها البالغ عددهم 7500 موظف من 220 إلى 380 مليون دينار تونسي في ست سنوات.


الّلافت للانتباه أنّ كل المسؤولين الذين تواتروا على قيادة الشركة فشلوا في إعداد برنامج للإصلاح وإعادة الهيكلة الذي وعدت به كل الحكومات المتعاقبة في ظل أوضاع اقتصادية متذبذة.
وكانت الآمال معلقة على الحامدي باعتبار السيرة الذاتية المضخّمة التي قدمتها لعموم التونسيين مما يطرح عديد التساؤلات: هل عقرت تونس ولم تعد قادرة على إنجاب أكفاء قادرين على إنقاذ مؤسسة وطنية بحجم تونيسار؟ هل يجب أن يفكر صنّاع القرار في “استيراد” خبرات أجنبية قادرة على إخراج الشركة من شبح الإفلاس؟
مع العلم أن فرنسا استنجدت سنة 2018 بالكندي بنجامين سميث، لترأس مجموعة شركة الطيران الدولية الفرنسية-الكندية “Air France-KLM “، لكن قرار الحكومة الفرنسية أثار حفيظة النّقابات العمالية في فرنسا بسبب الزيادة الكبيرة في راتبه، في وقت تعيشُ فيه الشركة نزاعا عميقا بشأن الزيادة في الأجور التي يطالب بها الموظفون.