تنامى الفعل الاحتجاجي خلال السنوات العشر الأخيرة من خلال أشكال كلاسيكية عبر الاعتصامات وإضرابات الجوع والحملات الالكترونية، غير أنّ مظاهرة نظمها مجموعة من الشباب في شارع الحبيب بورقيبة يوم السبت 30 جانفي 2021، أثارت نقاشا أخلاقيا لما تضمنه من أشكال تعبير غير تقليدية وغير مألوفة لدى عموم التونسيين.
رأي علم الاجتماع
وفي هذا الصدد، أوضح الباحث في علم الاجتماع محمد الجويلي في تصريح لـ”JDD”، اليوم الإثنين 1 فيفري 2021، أنّ التغيّر النوعي في طريقة التعبير عن الرفض والاحتجاج مرتبطة بمضامين التظاهر ففي السابق كان مرتبطا بالأساس بالقضايا الاجتماعية والاقتصادية والحريات العامة والسياسية ويقوم به الأفراد باسم الجماعة أو الحزب أو الحركة لكن أصبح المحتجون الآن ينتفضون وفقا لانتماءاتهم الخاصّة كأفراد وتقودهم فردانيتهم للتظاهر مما يعطي تجمّعا بالحجم الذي نراه في الشوارع.
وأضاف أنّ التحركات الاحتجاجية باتت مرتبطة بجودة الحياة والحريات الفردية بالأساس كخوض معركة ضد قانون المخدرات والدفاع عن الحق في التصرّف في الجسد.
وقال إنّ ردود الفعل الرافضة لهذه الأشكال الاحتجاجية نابعة من أفكار وخلفيات معينة تعتبر أنّ كل فعل خارج عن الكلاسيكي غير أخلاقي مشيرا إلى أنه منذ أولى الحركات الاحتجاجية في العالم كان هناك تعبيرات صُنّفت مٌهينة أحيانا وعنيفة.
وتوّقع الجويلي ظهور تعبيرات جديدة وأشكال احتجاجية مختلفة بتغيّر المضامين لكن بالتوازي مع الأشكال التقليدية للتظاهر.
الطلاء تعبيرا على الغضب
لم يكن استخدام الشبان والشابات يوم السبت الماضي للطلاء ابتكارا تونسيا فهذا الشكل في التعبير عن الغضب ظهر منذ عشرات السنين ومازال متداولا إلى الآن حيث قام متظاهرون في فرنسا في جوان الماضي برش مبنى وزارة الصحة بطلاء أحمر، في إشارة رمزية لدماء من توفوا جراء الإصابة بفيروس كورونا والاحتجاج على تردي ظروف العمل بالنسبة للعاملين في مجال الصحة العامة.
كما وضع المحتجون على درج وزارة الصحة، لافتة ضخمة على شكل وسام أطلقوا عليه اسم “وسام الاحتقار” لتسليط الضوء على ما وصفوه بإخفاق الحكومة في الاستماع إلى مخاوف العاملين في مجال الرعاية الصحية.