في غياب إحصايات ومعطيات رسمية بخصوص عدد الأطفال التونسيين العالقين بمناطق النزاع بعد وفاة آبائهم المقاتلين في صفوف تنظيمات إرهابية، تقدّم بعض الجمعيات المدنيّة أرقاما متضاربة.
ولا يزال مصير هؤلاء القصّر معلّقا بين يدي الدبلوماسية التونسية منذ سنوات.

أرقام متضاربة

أكّد رئيس جمعية “الخضراء للتونسيين العالقين بالخارج” محمد إقبال بن رجب لـ”JDD”، أن ما لايقل عن 500 طفل من أب أو أم تونسيين متواجدون حاليا في بؤر التوتر، خاصة في ليبيا وسوريا والعراق بدرجة أقل، فيما يقول “مرصد الحقوق والحريات” إن عددهم في حدود الـ 300 طفل.
من جهته، أفاد رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبد الكبير لـ”JDD”، أنّ عدد الأطفال العالقين في ليبيا هو 35 في حين مازال 110 آخرون على الحدود السورية التركية إلى جانب 50 طفلا بالعراق.
وأوضح عبد الكبير أنّ العدد الكلي في حدود 42 طفلا، نصفهم بمعيتيقة و21 آخرين في مصراطة، لكن تمّ في جانفي 2020 جُلب 6 أطفال إلى جانب الطفل تميم الذي عاد لجدته قبل ذلك بسنتين.

وضعيات معقدة

كشف محمد إقبال بن رجب أنّ 36 بالمائة من الأطفال التونسيين العالقين في بؤر التوتر يقبعون في السجون أو في مخيمات للّاجئين بسوريا وليبيا، ويعيشون ظروفا لا إنسانيّة بسبب حرمانهم من أبسط حقوقهم من لباس وأكل ومأوى تحفظ كرامتهم كما أنهم بلا سند عائلي بسب وفاة الوالدين أو أحدهما إلى جانب أن جميعهم تقريبا لا يجيدون القراءة والكتابة.
ويقول الناشط الحقوقي مصطفى عبد الكبير، إنّ وضعية الأطفال السّتة الذين تمكنت تونس من استرجاعهم مختلفة عن البقية باعتبار أنّهم أيتام لكن وضعيات البقيّة أكثر تعقيدا لأنه لا يحقّ للدولة التّونسية، قانونا افتكاكهم عنوة من أمّهاتهم ولا يمكن أيضا أن تتنازل والداتهم عنهم لأنهم يمثلون حماية لهنّ خاصة داخل السجون من الاعتداءات، وفي الوقت نفسه ترفض السلطات الليبية تسليم الوالدين قبل محاكتهم.

خطوات محتشمة

ينص الفصل الـ 47 من الدستور على أن الدولة تقوم بـ”توفير جميع أنواع الحماية لكلّ الأطفال دون تمييز ووفق المصالح الفضلى للطفل”، لكن يبدو أنّ هذا الفصل لم يدخل حيز التنفيذ بعد فالسلطات التونسية تتعامل بسلبيّة مع هذا الملف رغم الوعود التي قدّمها رئيس الجمهورية قيس سعيد قبل سنة أثناء استقباله لـ 6 أطفال أيتام” بمزيد متابعة هذا الملف من أجل تيسير عودة بقية الأطفال العالقين في ليبيا”.

واستقبل سعيّد بقصر قرطاج، يوم 24 جانفي 2020، 6 أطفال تونسيين أيتاما تمّت إعادتهم من ليبيا بعد إنقاذهم وإيوائهم من طرف الهلال الأحمر الليبى بمدينة مصراطة إبّان الحرب على تنظيم “داعش” في عملية “البنيان المرصوص” بمدينة سرت سنة 2016.

وفي السياق ذاته، أكد القنصل العام لتونس في مصراطة توفيق القاسمي في تصريح إعلامي على هامش تسلم الأطفال، أنه سيتم قريبا ترحيل بقية الأطفال التونسيين وأمهاتهم بعد التأكد من وضعياتهم القانونية، كما سيتم إيفاد فريق فني للتأكد من هويات جثث الأشخاص المشتبه في حملهم للجنسية التونسية، لنقلها إلى تونس.

وبعد مرور أكثر من سنة، على هذه الوعود ما زالت تونس تقف وسط الطريق بين الاعتراف بأبنائها الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا لأب وأم إرهابيين وبين سلطان القانون.