صحيفة الأحد – Jdd Tunisie

إدارة الأزمة: مهارة ضرورية لأصحاب القرار

  • العميد المختار بن نصر: الجمعية الدولية للاستشراف والدراسات الاستراتيجية والأمنية المتقدمة

تعرف إدارة الأزمات على أنها الاستعداد لما قد يحدث والتعامل مع ماحدث ، وهي عملية ديناميكية تبدأ قبل أن تنفجر الأزمة وتتواصل إلى ما بعد انتهائها،  وهي مسار يحتوي على  عدة مراحل، ولكل مرحلة من مراحل الأزمة تحديات خاصة، تتطلب  مقاربات مختلفة لإدارتها ، وكثيرا ما يتم استعمال مصطلحي الأزمة والطوائ في الاعلام بشكل متواتر ومتداخل أحيانا لذلك من الضروري تحديد مفهوم كل واحد منهما طلبا للدقة .

فحالة الطوارئ، هي حالة غير عادية، تتطلب اتخاذ إجراءات فورية زيادة على الإجراءات العادية للحد من الاضرار التي يمكن أن تحصل للأفراد وللممتلكات . أما الأزمة فهي حالة اختلال وظيفي تتميز باضطراب الأداء في  العمل ونقص الانسجام وتؤثر مباشرة على أمن ونشاط المؤسسة.1  لقد أصبحت الأزمات اليوم لا تغيب عن أي إدارة او مؤسسة، وهي مشكلة غير متوقعة قد تؤدي إلى نتائج كارثية إذا لم تتم السيطرة عليها وحلها بشكل سريع. وتعرف الأزمة على أنها تهديد خطير متوقع أو غير متوقع لأهداف وقيم وأداء الافراد والمؤسسات وحتى الدول، والتي تحد من عملية اتخاذ القرار؛ وهي وضع استثنائي يتضمن قدرا كبيرا من الخطورة والتهديد والمفاجأة وضيق الوقت ويتطلب أساليب إدارية وقيادية وتسييرية مبتكرة وسريعة لمعالجتها والحد من آثارها. ونظرا لأهمية الموضوع تدرس إدارة الأزمات في  المعاهد العسكرية والأمنية العليا  وبعض المعاهد المختصة. وتتطلب إدارة الأزمة  أحكام التخطيط والتدريب. ولأن الأزمة تطرأ بشكل مفاجئ أصبحت العديد من المؤسسات الصناعية والتجارية الكبرى والإدارات تقرأ حسابا للأزمات وتعين طواقم مكونة ومدربة لمعالجة الأزمة و‘دارتها حال بروزها قصد الإحاطة بها ومعالجتها من كل النواحي الميدانية -العملياتية واللوجستية والاتصالية بحيث يتم الحد من تفاقم الأزمة والسيطرة عليها والتخفيف من آثارها.

ظلت بلادنا  منذ الثورة تتخبط في أزمات معقدة ؛سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية  وغيرها ؛فهل أن مسؤولينا واعون باهمية هذه المعارف؟ وهل يتم الأخذ  برأي المختصين في المجال لمساعدتهم في معالجة تلك الأزمات؟، نحن اليوم نسعى لمعالجة أزماتنا المعقدة بشكل غير علمي، كمن يعالج داء عضال بالشعوذة في زمن تقدم الطب.

لقد أصبح اليوم من أهم آليات إدارة الأزمة “الاتصال”،  اتصال الازمات، المدروس والفوري للحد من تداعياتها ثم ضبط طرق تصرف لإدارة الأزمة من الناحية العملية حسب نوع الأزمة ومدى عمقها وتداعياتها.

كيف تنشأ الازمة؟ وما هي الخطوات المؤدية لاستفحالها؟ وكيف يمكن الاستعداد لإدارتها ومعالجتها؟ هذا ما سنحاول بسطه في هذه الورقة البحثية.

أسباب نشاة الأزمة

 تدل الدراسات المتخصصة في المجال ، انه من الغريب ملاحظة ان هناك ترابط متين او علاقة خفية بين الكفاءة والازمة على عكس ما يضن البعض ، ويظل من العسير الفصل بينهما ،ويبدو ان هناك تكامل اوتواطئ خفي بين هذين المصطلحين الى درجة انه لا يمكن للواحد التواجد دون الآخر ،فالازمة هي نقطة نهاية البحث عن الكفاءة المطلوبة في مؤسسة ما ،انها الحلقة الأخيرة من قصة نجاح لم يعد لها من القوة ما يمكنها من مواصلة المسار  . تلك هي العلاقة بين الكفاءة والازمة كما يراها “كريستوف رودفور” الخبير في مجال إدارة الازمات٠ فالازمة بالنسبة له  ،هي  نقطة النهاية او نقطة الوصول الضرورية لهيكل ما، كي يعي ان انموذج كفاءته وصل الى حدوده ، فالهياكل والمنظمات لا تتاكد بان انموذج عملها  وكفاءاتها قد استنفذ وبلغ حدود عجزه ،الا بشكل متأخر،فتظل تعيش  لوقت طويل قبل انفجار الازمة على وهم النجاح  الحاصل،المكتسب .

ولنا في التاريخ عدة امثلة على نجاحات باهرة لعدد من المؤسسات العملاقة، بلغت ذروة كفاءتها في الآداء المتقن ،وفجاة حلت بها أزمات  أدت الى فشل ذريع أدى بدوره الى انهيارها وحتى الى افلاسها . ولنا في غرق باخرة “تيتانيك” الشهيرة في بداية القرن المنصرم احسن مثال على  خرافة الكفاءة التكنولوجية العالية التي غذت الجنون والوهم بان تلك الباخرة لن تغرق مهما كانت الصعاب ،جنون سمح بكل المجازفات والمخاطر فسقط الحلم  بشكل مفاجئ في غفلة من طاقم على غاية من التدريب والكفاءة ..

 لذا يمكن التأكيد على ان الانموذج الناجح ، يمكن ان تسهم تصرفات قادته وقواعد عمله والرتابة المتراكمة في آدائه في نشاة الازمة ،فالنجاح في الأداء يصبح عامل تآكل لحالة التيقظ والتنبه التي يجب ان تلازم القيادة فيدعم التفاؤل ويزيد من الافراط في الثقة بالنفس، وتسهم هالة النجاح في انعدام الرؤية الواضحة للمخاطر التي تتراكم شيئا فشيئا، ويتراجع التقييم الموضوعي للوضع ، فتنتهي اسطورة النجاح والكفاءة العالية والثقة المفرطة في النفس الى ازمة خانقة، لذلك اعتبرت الكفاءة بمثابة “قاعة الانتظار للازمة” 2

التفطن المتأخر للازمة.

منذ عقود من الزمن فرض علم إدارة الازمات نفسه في المؤسسات الكبرى واغلب الإدارات والهياكل الدولية والخاصة ،وانتهى الزمن الذي كان فيه القيام بتمارين حول إدارة الازمة بمؤسسة ما يثيرحنق مديرها وموضفيها، اليوم اصبح المسؤولون في اغلب  القطاعات في البلدان المتقدمة واعون بأهمية إدارة الازمة ،وذلك نظرا لما حصل من الكوارث والصدمات والمآسي التي عاشها العديد من المسؤولين في قطاعات مختلفة من الإدارات واالمؤسسات العمومية والخاصة على حد السواء.

وعند تصفح تاريخ الازمات نجد ان هناك عدد من الازمات الكبرى غيرت بشكل نهائي أسلوب تعاطي المسؤولين في المستويات القيادية  مع  إدارة ومعالجة  الازمة ،وحطمت نهائيا  الأسطورة القائلة بان الازمة لا تاتي للمؤسسات الكبرى الناحجة. كان اول الحوادث الخطيرة الكبرى “حادث تشرنوبيل ” النووي الذي جسد الكارثة الشاملة والازمة المعقدة  والكذب المؤسساتي الذي دعمه الاعلام الرسمي، فهو يمثل تآكل نظام على المستويات التقنية والسياسية والاجتماعية و انتهى في غفلة من المسؤولين الى فشل ذريع ، فشل علمي وصناعي خلف وراءه لاجيال ، تجسيدا للخوف النووي ،واصبح مثالا يثير العديد من التساؤلات و يمثل اليوم انموذج الازمة الحديثة ويثيرالذاكرة الجماعية حول مدى القدرة على التحكم في الكوارث الصناعية ،

المثال الثاني  يتمثل في فشل مؤسسات صناعية وتجارية ضخمة وعريقة، لم يتسنى لقادتها رؤية الازمات  في الوقت المناسب ،وتبين انها ترفع على واجهاتها زيف الكفاءة الذي أدى الى فشل مدو، ولنا في بلادنا بعد الثورة امثلة على عدة مؤسسات تحول نحاحها الى فشل اداري ذريع أدى الى افلاسها واغلاقها.  اذ بلغ عددها ما بين 2011 و2015  1868)) مؤسسة صناعية 3. وأخرى  تعيش اليوم صعوبات جمة منذرة بتفاقم ازماتها وعجز مروع عن معالجة تلك الازمات في ظل جائحة كورونا.  سيؤدي ان تواصل الامر على ما هو عليه الى افلاسها ،

 عديد من  الازمات رجت الوعي لدى قادة المؤسسات وبينت ان لا احد محصن ضد الازمة كما بينت ان العديد من النماذج الناجحة بالمؤسسات الصناعية والاقتصادية والمالية و السياسية لم تكن سوى نماذج هشة ،لم تقو على الصمود في وجه أزمات لم يتم الاستعداد للتحكم فيها  وادارتها كما يجب ،

اليوم يمكن التأكيد على ان الازمة يمكن ان تحدث لأي هيكل حتى الناجح والمتميز في كفاءته وادائه . وان الكفاءة والنجاح يغذيان التغاضي عن النظر الى مؤشرات محددة يمكن  ان تدل على بداية الازمة ،واصبح من اهم آليات ادراة الازمة الاتصال بشكل فوري ومدروس للحد من تداعياتها واستفحالها.  يقول باتريك لاقاداك Patrick LAGADEC    خبير إدارة الازمات ،ان أسباب الازمة ، يمكن ان تكون ناتجة عن “حادث ” او عن “اضطراب”  ويصبح  اكبر تحد  امام المؤسسة هو استباق الاحداث المتسارعة،  ويتطلب ذلك  أسلوب إدارة استثنائي ،وبين ان تراكم الضعف والجهل القيادي والإداري يسهم في تشكل الازمات واستفحالها ، فاحداث الثورة في بلادنا وما تبعها من أزمات  متعددة عقد الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية  التي عاشت على وقعها المؤسسات والشركات والادارت  ، ويلاحظ انه عند مرور الازمة بعد ان تخلف ما تخلف وراءها من اضرار ، يأتي السؤال الحارق ،كيف وصلنا الى ذلك؟ وخلف هذا السؤال يبرز موقفان متناقضان ،عدم فهم الأسباب التي أدت الى ذلك الوضع في الوقت المناسب  ، وشعور بالذنب، لانه كان بالامكان ان نرى الازمة قادمة، ونتهيأ لمعالجتها،  

بصفة عامة تجعلنا الازمة نتساءل عن نمط تنظيمنا  ، وأساليب عملنا وعن مدى جهلنا ببعض القواعد الهامة في إدارة الازمة ، وذلك لان كل عمل وكل نمو وكل تطور يولد بالضرورة هناته وضعفه، ويصبح البحث عن التقدم وحسن الأداء والنمو محركا لآليات الازمة ، لذلك تبدو الازمة ليس كحادث عارض وانما كنتاج مرحلة من النمو بعدها لا يمكن للمؤسسة ان تواصل العمل بنفس الطرق والقواعد التي اوصلتها الى تلك المرحلة ، وتكون الازمة أحيانا ضرورية لتبين للمسؤولين مدى هشاشة وضعف التوازن الذي يعتقدون انه مسارهم نحو النجاح والتقدم المتطرد.     

هكذا اذن يتبين ان الازمة لا تتطور وتتعقد الا على ارض خصبة فهي نقطة الوصول الى وضع تصنعه تراكمات نقاط الضعف واللامبالاة؛ وان نقاط الضعف لا تتمثل في هشاشة النظام بقدر ما تمثل الجهل بتلك الهشاشة أصلا. وقد وضع “باتريك لاقاداك” المعادلة التالية لفهم الازمة؛(  الازمة =الحادث + الاضطراب )ويضيف الازمة هي( تراكم نقاط الضعف +الجهل ).هذه المعادلة تبعدنا عن الطابع العشوائي للازمة وتجعلنا نتساءل عن الظروف التي تساعد على انفجار الازمة . ان مصطلح ميدان الازمة terrain  de crise او الأرض الخصبة، يعني فظاء الخطر و يساعد على فهم تآكل النظام  والمسار المؤدي الى الازمة ؛ويسمى ذلك انعدام الكفاءة وتترجمه نظرية PauchantوMitroff  

بالانتاج العكسي la contre production   وذلك عندما يتفوق خط عدم الإنتاج على خط الإنتاج . وهكذا تصبح الازمة  التي تعيشها بلادنا ،عبارة عن تراكم جملة من الأخطاء القيادية التي  تحجب الرؤية الثاقبة عن المسؤولين والمسيرين ؛ ويؤكد الخبيران ان عدم استشعار قدوم الازمة اوعدم القدرة على معالجتها تقف وراءها آليات دفاع نفسي يختبئ خلفها المسير او القائد ،

أربع خطوات نحو الازمة

هناك تمش موضوعي يودي  نحو استفحال الازمة يتشكل تباعا حسب منطق الفجوات interstices   ،أي انه ينتج عن مجمل الفجوات  والاخطاء البسيطة التي يتركها المسيرون تتراكم ،هذه الفجوات هي مناطق لا تغطيها اليقظة والانتباه ، انها فضاءات فارغة مهملة وتمثل صدعا ملائما لتطور واستفحال الخلل الوظيفي والعاهات والغفلة والإهمال والاخطاء.  وهي ليست أشياء غير مرئية بقدر ماهي أشياء توجد بمنطقة غير ذات أهمية بالنظر الى أولويات المؤسسة. فضغط الشركاء، والمساهمين والمستهلكين والأسواق وطموح المسيرين والمنافسة الشرسة ونظام سرعة العمل لا يترك مجالا لرؤية مسائل أخرى بسيطة واخطاء تظل تتراكم مع الزمن،

 وتنفجر الازمة عندما تتراكم الفجوات والاخطاء بقوة تحت تاثير حدث ما، اشتباه في بضاعة ملوثة، حملة إعلامية غير مواتية  ،صراع اجتماعي  ، كارثة طبيعية او حادث صناعي. وهنا يطرح السؤال لماذا تتسع الفجوات وتتراكم الأخطاء الى ان تسبب انفجار الازمة ، ذلك هو ما يعبر عنه بالجهل القيادي او الاداري او التسييري(l’ignorance managériale)  ولفهم هذه الظاهره هناك اربع مراحل لانفجار الازمة واستفحالها يمكن الوقوف عندها وفهم تاثيراتها على السير العادي للمؤسسة.

  1. تراكم نقاط الضعف  مع اللامبالاة (تصرف دون رؤية) نتصرف ولا نرى الخطر
  2. بداية ضياع التوازن  نرى ولا نفعل شيئا (نرى ولا نتصرف) رؤية بدون تصرف
  3. انكار الواقع ( نتصرف لكي لا نرى) وهي مرحلة لانقطاع Rupture «  « 
  4. مرحلة الانغلاق ، انفجار الازمة ؛(التصرف لمجرد التصرف) 2

وهذا  التمشي طبع الازمات التي تعيشها بلادنا منذ الثورة الى اليوم ،اذ دأبت  قياداتنا السياسية  وحتي رؤساء المؤسسات على التردد وتاجيل الإسراع بالحلول الممكنة ،  مما يعقد الازمة ويجعلها عصية عن الحل ؛ ويتواصل العمل بأسلوب مرتجل لمدة طويلة يجعل الحكومات المتعاقبة تتعود على الوضع ويخدر الجميع الى ان تحل الكارثة وذلك يعني التصرف دون رؤية ثم رؤية الخطر دون تصرف (توقف الإنتاج وتعطيله واستفحال الفوضى) نري الهنات والاختلالات ولا نصلحها وتاتي بوادر الازمة واستفحال الخلل فيتم انكارالواقع وتصبح الإجراءات والقواعد والقوانين لا تثير الاهتمام وتظل غير قادرة عل تعديل اوتصحيح المسار ، تتراكم الاختلالات الوظيفية ثم يحل ضياع السيطرة وتشتد الازمة .وتصبح عصية عن العلاج.

وكثير ا ما تقدم كارثة غرق العبارة Ferry Herald مارس1987  ، كمثال لفهم  تتالي المراحل المؤدية الى الازمة  ،ومدي الاستهانه بالقانون والتراتيب المنظمة للعمل وكيف ان الرتابة تأخذ الجميع الى الكارثةً  بخطى ثابتة..

  تكون الهشاشة  اوالاخطاء في البداية غير مرئية هناك عدم مبالاة وتصرف دون رؤية الخطر ، يترك باب اركاب  السيارات بالعبارة  مفتوحا اثناء الإبحار وهو اجراء مخالف لتعليمات الامان اتخذ في وقت ما ،لتهوية العبارة وإخراج دخان عوادم السيارات بسرعة، ذلك لان المسافة المقطوعة في بحر المانش  بين الضفتين كانت قصيرة ، اقنع ذلك الاجراء كل الطاقم  بعدم الحاجة لغلق الأبواب ،في تناقض مع إجراءات السلامة وقوانين العمل، نشات عن ذلك حالة من عدم المبالاة  ، وتعود الجميع على رؤية الخلل وعدم اعتباره كذلك.في احدي الرحلات تصاعدت الأمواج وغمرت المياه العبارة فغرقت بكل حمولتها في وقت وجيز.حدث ذلك عندما تم اعتبار الخلل الوظيفي من طرف قائد العبارة كأمرعادي لا يشكل خطورة، ذلك ان غلق وفتح الابواب كل مرة يضيع بعض الوقت ، فتحول انتباه المسيرين الى التركيز على سرعة الاركاب والانزال والقيام بعدد رحلات اكبر طلبا للربح المادي على حساب إجراءات السلامة.تواصل العمل بهذا الأسلوب لمدة طويلة جعل الجميع يتعود على الوضع الى ان حلت الكارثة.ذلك يعني التصرف دون رؤية الخطر في البداية، ثم رؤية الخطر دون تصرف ،بعد ذلك نرى الهنات والاخطاء ولا نصلحها؛ وتاتي بوادر الازمة  واستفحال الخلل وتصبح الإجراءات والقواعد وحتي القوانين لا تثير الاهتمام وتظل غير قادرة على تعديل او تصحيح الوضع، ثم يحل ضياع السيطرة فانفجار الازمة.

كيفية معالجة الازمة

ان عملية إدارة الازمة اطار نظري يساعد المسيرين على فهم مبادئ ومراحل إدارة الازمة وهي مستمدة من تجارب ونظريات عدة ويتمثل هذا الاطار في صياغة متكاملة تحتوي على اربع مراحل ،

قبل الازمة،  مرحلة التخفيف Attenuation

وتهدف الى تخفيف  آثار الازمة ان اندلعت ؛وذلك من خلال بعض الاعمال، كالتفقدات والفحوص وتقييم المخاطر  والتفكير في اسوا الحالات ودراسة الأوضاع والصعوبات والمشاكل السابقة والاستفادة من آراء المختصين والخبراء  وإرساء آليات مراقبة دائمة للوضع والأداء في المؤسسة.

مرحلة الاعداد Préparation

عند اندلاع الازمة – التدخل. Interventionوهي اعمال تهدف للانكباب على معالجة الازمة بالسرعة اللازمة، تقييم الوضع  وتشغيل المخطط العملياتي و مخطط الاتصال

بعد الازمة -الانتعاش Rétablissement

 وهي اعمال تهدف الى استعادة الوضع العادي بعد الازمة ،الاعلام عن نهاية الازمة ،مواصلة الاتصال مع الاعلام والشركاء والمساعدين وتوفيرالدعم والسند للاطارات والعمال ، وتقييم واستخراج الدروس المستفادة من التجربة .

فريق إدارة الازمة  

تعتمد إدارة الازمات على فرق عمل من صلب المؤسسات  تكون مدربة على إدارة الازمات وتتقن أدوارها وتنطلق في العمل حال بروز الازمة ويتكون فريق إدارة الازمة عادة من اربع خلايا،خلية قيادة ،تشرف على قيادة العملية وتحدد التوجهات الكبرى وتسهر على التوازنات وتقرر الخيارات ،وخلية عمليات (معالجة الازمة)، مهمتها تقديم الدعم الاستراتيجي العام للمتدخلين على الميدان وتنسق مختلف أعمالهم ،وخلية لوجستيك ، مهمتها توفير كل متطلبات المهمة لبقية خلايا العمل ، من وسائل تقنية ومادية وخلية اتصال وتتمثل مهمتها  في التواصل مع الاعلام بشكل فوري وناجع 4 وتكون لكل خلية مهام مضبوطة ومكتوبة وتم التدرب عليها الى حد الاتقان.

ختاما ، برغم المعارف العلمية المتاحة حول إدارة الازمات ، مازالت الى اليوم عدة مؤسسات وقادة لا يولون الاهتمام الضروري بهذه المعارف والمهارات ونظرا وان الازمة يمكن ان تهدد أي مؤسسة مهما كانت درجات نجاحها يصبح لزاما ان يحظى هذا المجال باهتمام مسؤولينا في هذا الظرف الصعب الذي تمر به البلاد ، فيشرع  في تكوين فرق على إدارة الازمات وتدريبها باحكام لتكون قادرة عند الحاجة على التصرف بشكل علمي متقن لضمان نجاح المؤسسة وتفادي ما يمكن ان يعطل نموها اوان يؤدي الى فشلها او انهيارها .العديد من مؤسساتنا التونسية مثل شركة فسفاط قفصة وتونس الجوية وغيرها تشهد أزمات خانقة وترد قيادي ربما يضرب وجودها ان لم يتم تدارك الامر بشكل علمي  ومعالجة الازمات التي تعصف بها .لذلك نحن اليوم في امس الحاجة للاطلاع على هذه المعارف والتدرب عليها ليتسنى لاطاراتنا استشراف الازمة مهما كان نوعها والتهيؤ لمواجهتها ومعالجتها بشكل علمي فعال يجعل آثارها تحت السيطرة. ولا تؤول بالإدارة او بالمؤسسة الى ما لا يحمد عقباه ؛

المراجع:

  وثائق معهد الدفاع الوطني التونسي حول إدارة الازمات

                                  La performance antichambre de la crise :Roux Dufort     –  1 

2. -même  référence

 3. – إحصائية وكالة النهوض بالصناعة والتجديد(وات15افريل2016 )-

4  -cellule de crise, les conditions de conduite efficace : Patrick Lagadec

الخروج من نسخة الهاتف المحمول