اعتبر حمادي الرحماني، المستشار بمحكمة التعقيب، في تصريح لـ”JDD”، اليوم الإثنين 25 جانفي 2021، أن مجلس القضاء العدلي متواطئ مع الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد، نظرا لعدم اتخاذه أي تحرك لتنحيته من منصبه، مشيرا إلى أن المجلس يسعى إلى عدم اتخاذ هذا القرار وهو ما يفسر هذا التواطئ.
واعتبر أن موقع الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، لا يحتمل الشبهات، خاصّة وأن الشبهات التي طالت الطيب راشد جدية وفي علاقة بقضية تم خلالها عزل قاضيين بموجب قرارات تأديبية، بالرغم من أنه يعتبر رئيسهم ومسؤوليته أكبر في القضية، نظرا لتورطه في فبركة ملفات قضية فساد ووضعها في الدائرة القضائية والدفع نحو الحكم فيها بالنقض بدون إحالة.
جدير بالذكر، أن القضية المذكورة تورّط رجل أعمال في فساد مالي، وكان قد أشرف عليها الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد، وتم خلالها توجيه القضية وهو ما كشفه القاضي بشير العكرمي في وقت سابق، وكانت نتائجها عزل قاضيين و معاقبة 5 قضاة آخرين.
مجلس القضاء العدلي يماطل
ومن المفروض أن يكون صدور هذه القرارات التأديبية كافيا لإعفاء الطيب راشد من منصبه ونقله إلى مكان آخر أو إيقافه عن العمل، إلا أن مجلس القضاء العدلي ظلّ يماطل ولم يتخذ أي قرار إلى حد الآن بالرغم من مرور أشهر على الكشف عن الشبهات، في حين بقي الموضوع محل إجراءات فقط، وفق حمادي الرحماني.
وبين المتحدث أن المؤسسات القضائية تعيش اليوم حالة إحتقان كبيرة، في ظل وجود إدانة كاملة من الأغلبية الساحقة للقضاة لما صدر عن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب من أفعال، محملا المسؤولية لمجلس القضاء العدلي الذي قال إنه المسؤول عن”إطلاق يد الطيب راشد” للتشكي ضد عديد القضاة للتفقدية وللنيابة العمومية لتصبح فضائح القضاء منشورة للعموم، وفق تعبيره.
حالة تصدع واحتقان وقرف العام
وحمل الرحماني مجلس القضاء العدلي مسؤولية حالة التصدع والاحتقان و القرف العام القضائي وغير القضائي، مشيرا إلى أن شبهة الفساد الجدية التي تطال الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، سابقة لم تعرفها أي دولة في العالم، بالنظر إلى أن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب يجب أن يكون رمزا للبياض والعدالة والقانون، مستغربا تواصل صمت القضاء العدلي.
وأضاف المستشار بمحكمة التعقيب، “لا نريد هدم مؤسسات وقع انجازها بعد نضالات طويلة”، لكن وفي صورة تواصل المماطلة من مجلس القضاء العدلي، في عزل الطيب راشد، بعد الشبهات الجدية، فسيتم التوجه مباشرة إلى ما اعتبره “رأس الداء والعفن”بإعلان مجلس القضاء العدلي كمؤسسة فاسدة، كما سيتم المطالبة بمحاكمة النسبة الكبيرة من أعضائه الفاسدين، في ظل وجود قرائن تؤكد التواطئ مع الطيب راشد لمصالح انتهازية وضيقة ومرتبطة بالرئيس الأول ولا علاقة لها بالقانون، وفق قوله.
شكايات تطال قضاة ومدونين
وكان مجموعة من القضاة قد أصدرو ا، اليوم الأحد 25 جانفي 2021، بيانا مشتركا، أكدوا فيه أن الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد “يحاول بكل الطرق تعويم شبهات الفساد الوظيفي الجدية الموجّهة له بنشر عديد القضايا والزج بعدد كبير من القضاة صلبها ، مشيرة إلى أنه يعمد من خلال ذلك إلى تزييف الحقائق وافتعال القوادح القانونية وتضليل الرأي العام القضائي والوطني”.
ونبه الموقعون على البيان، إلى ما اعتبروه “محاولات راشد لعب دور الضحية والظهور بمظهر المُستهدف وسعيه المحموم لضرب مصداقية القضاة المُتصَدّين لتجاوزاته والتشكيك في ذممهم بقصد نسف كل الأدلة والشهادات والأبحاث والتقارير التي تُثبت تورطه في التلاعب بمصالح الدولة فيما بات يعرف بقضايا النقض بدون إحالة”.
ويأتي هذا البيان على إثر، “رفع الرئيس الأول لمحكمة التعقيب الطيب راشد، منذ أن طرح موضوع رفع الحصانة عنه أمام مجلس القضاء العدلي، إما بنفسه أو بواسطة مدونين مُسَخرين للدفاع عنه، وفي تواريخ متحدة ومتقاربة، عددا كبيرا من الشكايات للتفقدية العامة بوزارة العدل أو شكايات جزائية للنيابة العمومية بتونس، ضد عديد القضاة وتحت عناوين مختلفة ومزعومة منها ما يتعلق بالإساءة للغير عبر الشبكة العمومية للاتصالات ومنها ما يتعلق بنسبة أمور غير قانونية لموظف عمومي، ومنها ما يتعلق بالفساد المالي، ومنها ما يتعلق بالشهادة زورا والحمل عليها”.
وشملت هذه الشكايات أساسا رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر وعضو المجلس القاضية الإدارية سهام بوعجيلة، والرئيس الأول لمحكمة المحاسبات نجيب القطاري، ووكيل الرئيس الأول لمحكمة التعقيب سابقا ووكيل الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس بشير المطوي، ووكيل جمهورية تونس سابقا ومدير الشؤون الجزائية بوزارة العدل حاليا بشير العكرمي والمستشار بمحكمة التعقيب حمادي الرحماني، وقاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس مكرم مخلوف و 31 قاضيا الممضين على عريضة إزاحته من منصبه المحررة في 3 جانفي 2021، كما شملت هذه الشكايات زيادة على ذلك الصحفي زياد الهاني على خلفية تدويناته حول شبهة الفساد المتعلقة بالرئيس الأول.