عشر سنوات من الانتظار، مازال فيها التونسيون ينتظرون مخرجا من أزمتهم. كان من المنتظر مع سقوط سلطة زين العابدين بن علي، أن تنطلق البلاد في مسيرة جدية من الديمقراطية والرفاه الاقتصادي، المشكل أنّ تونس تعيش مرحلة من الحرية ولكنها لم تنتقل بعد إلى مربع الديمقراطية، فالحرية لا تعني الديمقراطية.

إنّ الديمقراطية لا تستقيم في ظلّ سيطرة الفقر والغموض والمصير المجهول وفي ظلّ استقواء بعض المجموعات واللوبيات عل المواطنين والدولة.

تونس اليوم الرابع عشر من جانفي 2021، وضع اقتصادي شبه منهار، وضع سياسي يتسم بالصراع البرلماني غير المجدي وغير المثمر، ووضع اجتماعي منبئ بالتوتر في كلّ حين، والأخطر من ذلك الوضع الصحي.

واقع يكذّب الأرقام

الأرقام المنشورة تفيد بتجاوز عدد الإصابات بفيروس كورونا 169 ألف شخص والوفايات تجاوز الخمسة آلاف وأربع مائة، الاّ انّ هذه الأرقام تفندها وتكذبها بعض الوقائع.

في صفاقس تمّ الكشف عن 75 إصابة من بين 400 تحليل، أي نسبة الإصابة تجاوزت 18 بالمائة، وفي معهد المنزه السادس تمّ الكشف عن 60 إصابة من بين 80 تحليل، أي أنّ نسبة الإصابة بلغت 75 بالمائة، وفي مستشفى شارل نيكول أفادنا مصدر طبي أنّه أصبح يستقبل مصابين بالكورونا بشكل مكثف وبين المصاب والآخر بعض الدقائق لا غير، في مستشفى أريانة أصبح الأمر منبئا بإمكانية فقدان السيطرة على الوضعية، نفس الشيء في سوسة والقصرين فإنّ الوضع خطير وقد ينفلت في كلّ حين. الأمر الذي دفع بنور الدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الى شبه نداء استغاثة لإنقاذ أرواح الناس، وهو ما أدّى الى فرض الحجر الصحي الشامل لأربعة أيام ربما لكسر حلقة العدوى، رغم أنّ الأطباء وأهل الاختصاص لا يرون جدوى من ذلك.

إنّ الوقائع وما يجري على الأرض تشكّك بجدية في الأرقام التي يتمّ تقديمها حول العدد الحقيقي للإصابات والقتلى، اذ يرجّح أن تبلغ الوفايات إذا تواصل الأمر على ماهو عليه 15 ألفا أو يزيد.

مؤشرات حمراء

نحن أمام حالة وبائية ينتشر فيها الفيروس بشكل كبير، مع عجز واضح عن إدارة الأزمة في أبعادها الصحية، ويتجسّد ذلك أساسا في العجز عن توريد اللقاح للتونسيين، الأمر الذي جعل الجزائر كعادتها تتحرك في الاتجاه الأخوي وتتقاسم مع تونس نصيبها من اللقاح.

الوضع خطير بكلّ المقاييس، ولا وجود لمؤشرات حلّ في الأفق، بل عكس ذلك هناك مؤشرات تأزيم إذا تواصل الحال على نفس الوتيرة.

بهذا المعنى فإنّ أزمة صحية خانقة وانتشار وبائي واسع مع أزمة اجتماعية وصراعات سياسية ومؤشرات اقتصادية حمراء، لا تعني غير التلويح بإعادة خلط الأوراق إذا استفحلت الأزمة وعجز الجميع على حلّها.

في إحدى المرّات سنة 2013 كنت أتجوّل مع صديق لي بأحد الأحياء في العاصمة، وكنا في الطريق الى مكان يعرف “بالصباط الدزيري” جلب انتباهنا كلمة كتبها شبان على الجدران، “الزوالي طالب فريش” وهي تعني خلط الأوراق. بعد ثماني سنوات لا نريد أن نبلغ شعار “الفريش”.