ينصّ الفصل 12 من الدستور على أن “الدولة تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية (..) اعتمادا على مبدأ التمييز الإيجابي”، وبعد 7 سنوات من المصادقة على الدستور الذي جاء بعد نقاشات طويلة وصراعات أيديولوجية وصلت إلى حدّ الإغتيالات السياسية، أخذ النائب عن كتلة “تحيا تونس” حسين جنيّح المصدح، في جلسة برلمانية “حامية الوطيس” اليوم الأربعاء 20 جانفي 2021، وقال إنّ “التمييز الايجابي لفائدة بعض المناطق هو تمييز سلبي ضد المناطق غير المعنية به” وتابع النائب عن دائرة سوسة أنّه يفخر بأن يأتي جميع التونسيين من مختلف الجهات حتى “يستقاتو” في ولايات السّاحل.

وليست هذه المرّة الأولى التي يصدر فيها خطاب جهوي عن جنيّح الذي اعتبر في حوار لإذاعة ابتسامة أف أم في مارس الماضي أنّ سوسة تضررت منذ 2011 بسبب مبدأ التمييز الإيجابي والحال أنّ هذا البند من الدستور بقي حبرا على ورق فكلّ الأرقام والمؤشرات الرّسمية تشير إلى أنّ جغرافيا التهميش مازالت على حالها وخير دليل على ذلك أزمة كوفيد-19 التي أظهرت تفاوتا واضحا في نصيب الولايات الداخلية من أسرة الإنعاش لفائدة تونس الكبرى وولايات الساحل وصفاقس المستأثرة بأكثر من 60 بالمائة من الأسرّة.

وعلى خطى جنيّح، طالب النّائب عن ولاية سوسة حافظ الزواري في جلسة منح الثقة للأعضاء الجدد في حكومة يوسف الشاهد في نوفمبر 2018، بنصيب جهته من الوزراء. واعتبر النّائب أن وزيرين من جهة الساحل غير كاف خاصّة أنهما بلا حقائب، على حدّ قوله، في إشارة إلى أنهما لم يترأسا وزارات سيادية.

النّائب عن ولاية جندوبة، فيصل التّبيني استنكر واستغرب وندّد مستعملا كل عبارات الغضب الممكنة، قبل أشهر من عدم منح نواب عن جندوبة وولايات الشمال الغربي أصواتهم لفائدة حكومة هشام المشيشي أصيل الجهة .
الخطابات الجهوية لم تقتصر على النواب، فتصريح وزير الدفاع الوطني، ابراهيم البرتاجي في الجلسة العامة اليوم الأربعاء 20 جانفي 2021، أثار جدلا واسعا بعد أن أكّد في زلّة إتّصالية، إعتذر عنها في وقت لاحق، “وجود تفاوت في الجهات في حالات الشغب، إذ شهدت جهة الساحل أكثرها على إعتبار تعطل قطاع السياحة في حين أن من تحركوا ليسوا جميعا أصيلي ولايات الساحل، إذ من بينهم عدد من الضيوف القادمين من ولايات اخرى .”

“الحرب أوّلها كلام”

قالت أستاذة الإتصال بمعهد الصّحافة وعلوم الإخبار الدكتورة سلوى الشرفي لـ”JDD”، اليوم الأربعاء، “أن تكون سياسيا يعني أن تكون لك منهجيّة في التفكير ولا تلقي الكلام جزافا.”
وتابعت الشرفي أنّه على كلّ مسؤول نائبا كان أو وزيرا أن يقدّم أرقاما ومعطيات وإحصائيات دقيقة في كلّ مايصرّح به حتى لا يتحوّل إلى “حديث مقاهٍ” وفق قولها ، مضيفة أنّه لا يليق بعضو في الحكومة أو نائب يعوَّل عليه لتخفيف الاحتقان أن يصرّح بكلام مرفوض بالقانون والعرف.
وأضافت أنّ الخطأ الاتصالي قد يؤدي إلى فوضى قائلة إنّ الحرب أوّلها كلام والعنف اللفظي يؤدي إلى العنف المادّي ولسنا في وارد أن نتقاتل، وفق تعبيرها.
وأشارت الشرفي إلى أن كلّ الحكومات المتعاقبة لم تول اهتماما للتواصل والخطابة وسقطت في أخطاء إتصالية فادحة كلّفتها خسائر سياسية وإجتماعية.