تلقى مرصد الحقوق والحريات بتونس، حكما جديدا صادرا عن المحكمة الإدارية ينص على إلغاء قرار في الإقامة الجبرية صادر عن وزارة الداخلية في حق مواطن، اعتبره المرصد مخالفا للدستور والمعاهدات الدولية.
ووفق ما ذكره مروان جدة المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات، في تصريح أدلى به اليوم الخميس 21 جانفي 2021، لـ JDD، فإن حوالي 500 مواطن تونسي يشملهم هذا الإجراء إما بشبهة الإرهاب أو الفساد، منذ إعلان حالة الطوارئ في تونس سنة 2015 وتمديدها في مناسبات متعاقبة كان آخرها يوم 25 ديسمبر 2020، لمدة 6 أشهر ابتداء من يوم 26 ديسمبر 2020 إلى غاية يوم 23 جوان 2021.
محرومون من حق العيش الكريم بناء على مجرّد شبهات
وبين أن عدد المواطنين المعنيّين بقرار الإقامة الجبرية تنامى بشكل لافت منذ نوفمبر 2015، انطلاقا من 38 مواطنا، اعتبرتهم وزارة الداخلية خطرا على الأمن القومي في البلاد، بناء على شبهات لم يتم إثبات صحتها من عدمه، وصولا إلى حوالي 500 شخص إلى حد الآن، مشيرا إلى أنه منذ إعلان الحرب على الفساد مع حكومة يوسف الشاهد ، تم وضع 20 رجل أعمال قيد الإقامة الجبرية بشبهة الفساد وأصبحت الإقامة الجبرية لا تقتصر فقط على التهديدات الإرهابية.
ونبّه مروان جدة من خطورة تواصل إصدار وزارة الداخلية لهذه القرارات، نظرا لما يمثله من تهديد للحق في العيش الكريم، خاصة وأنه يقيد حرية التنقل وبالتالي يمنع المعنيين به من العمل وينتهك معطياتهم الشخصية كما يحرمهم من استخراج عدد من الوثائق الإدارية .
خرق للدستور وتجاهل للمعاهدات الدولية
وجدّد المتحدث دعوة المرصد إلى إيقاف العمل بمثل هذه الإجراءات التعسفية واللادستورية، التي تمنع عددا من المواطنين من حقوقهم الأساسية والإنسانية وهو ما يتعارض مع الحقوق الانسان التي تعتبر تونس داعمة لها طبقا للمعاهدات الدولية.
ولفت المدير التنفيذي للمرصد، إلى أنه مع كل تمديد لحالة الطوارئ ، ينبه المرصد إلى خطورة هذا القرار الذي يعتبره غير قانوني ويتجاوز سلطة القضاء التي تمثل السلطة الوحيدة المسموح لها بتقرير مصير المواطنين بناء على ملفاتهم.
عار على الثورة
واعتبر مروان جدة، أن تواصل إصدار وزارة الداخلية لقرارات الإقامة الجبرية، عار على الثورة التي نحتفل بالذكرى العاشرة على اندلاعها والتي تنادي أساسا بالحقوق والحريات كما تنادي بدولة القانون والمؤسسات، داعيا في هذا الإطار إلى التوجه للقضاء في صورة وجود شبهات ليكون الفيصل بدلا عن هذه القرارات الجائرة ، وفق قوله.
وبيّن أن كافة الوزراء الذين تولوا حقيبة الداخلية بداية من ناجم الغرسلي إلى اليوم ، أصدروا قرارات في الإقامة الجبرية، آخرها من قبل وزير الداخلية المقال توفيق شرف الدين.
والإقامة الجبرية هي إحدى العقوبات المقيدة للحرية وتفرض عادة ضمن العقوبات الجنائية السياسية أو العقوبات الجنحية السياسية وتسمى أيضا الحبس المنزلي، والاحتجاز، أو المراقبة الإلكترونية.
تجدر الإشارة إلى قرار الإقامة الجبرية يتم بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 50 لعام 1978، المنظم لحالة الطوارئ، والذي أصدره الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ولا يزال ساري المفعول إلى اليوم.
وجدير بالذكر أنه تم في 24 نوفمبر 2015، إعلان حالة الطوارئ في تونس، من قبل الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، إثر هجوم إرهابي استهدف حافلة للأمن الرئاسي بالعاصمة، أسفر عن إستشهاد 12 أمنيا وإصابة 20 آخرين.