جانفي، شهر ذو رمزية ودلالة في التاريخ السياسي التونسي المعاصر، فهو الشهر الذي تتزعزع فيه الحكومات نظرا لما يعرفه من احتجاجات وصدام في الشوارع.
حتى قبل الاستقلال، احتضن شهر جانفي سنة 1952 تحركات شعبية كانت مفصلية لنيل السيادة الوطنية. واندلعت في الشهر ذاته أحداث سنة 1978 والتي باتت تعرف بـ”الخميس الأسود”. كما اندلعت في هذا الشهر من سنة 1984 أحداث الخبز التي جاءت نتيجة لرفع أسعار الخبز ورفع الدعم عن بعض المواد الأساسية.
وظل الشعب التونسي وفيا لشهر جانفي بعد الاطاحة بحكم بن علي ورحيله يوم 14 جانفي 2011. نفس
رأي علم الاجتماع
في هذا الصدد، قال الباحث في علم الإجتماع الدكتور المولدي القسومي لـ”JDD، إنه منذ اكتمال معالم الدولة الحديثة شكلت خواتم السنة المنقضية وبدايات السنة الجديدة الأرضية التاريحية لاستيعاب التحركات الاحتجاجية.
وفسر القسومي ذلك بالعلاقة التي تربط محتلف طبقات المجتمع بالدولة والقائمة أساسا على المنظومة الجبائية، أي قانون المالية الذي تكشف معالمه مع بداية السنة الادارية، مضيفا أن الطبقات المفقرة تنتظر في هذه الفترة من السنة انجازات السلطة كما يمتلك أصحاب رأس المال رهانات ضرائبية وجبائية.
وأوضح القسومي أنّ كل الانتفاضات التي عرفتها تونس اقترنت بأداء الدولة الذي يحرك سواكن الاحتجاج مما ولد ثقافة مرتبطة بالبرمجة السنوية لعمل الحكومات.
وأكد قسومي أن الثورات الحديثة في تاريخ الانسانية تقريبا انطلقت جميعها في شهر جانفي مشيرا إلى أنها ليست حالة تونسية، وفق قوله.
إتحاد الشغل محرك أساسي
كان الإتحاد العام التونسي للشغل محركا أساسيا لتحركات “جانفي” من خلال إقراره إضرابات عامة وطنية كان آخرها يوم 17 جانفي 2019 احتجاجا على عدم إقرار الحكومة لزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية.
ومثل اضراب 26 جانفي 1978 الذي أقرته المركزية النقابية نقطة انطلاق جديدة لتحركات عمالية في محتلف القطاعات.
وأدى الإضراب العام في 14 من جانفي 2011 إلى فرار بن علي، بعد سلسة من الاضرابات الجهوية.
نسرين حمداوي