في قراءة للتحوير الوزاري الأخير، بدا رئيس الحكومة هشام المشيشي وفيّا لحزامه السياسي بعد أن خضع لضغوطات الحزبين الأكبر في البرلمان حركة النهضة وحزب قلب تونس بتعيين 11 وزيرا جديدا تربط أغلبهم علاقات بالحزبين. ولم يكن المشيشي مطيعا فقط لـ”وسادته” كما يحلو له تسمية حزامه السياسي، بل حاول كذلك إستمالة الإتحاد العام التونسي للشغل بتغيير وزراء وتعيين آخرين وفقا لشروطه.

الموقف من الاحتجاجات


رافق هذا التحوير الوزاري المثير للجدل، تحركات إحتجاجية عنيفة ومريبة لم تكشف إلى حد اللحظة عن مطالبها أو عن الجهة التي تقف وراءها كما أنّ كلّ الأحزاب السياسية تقريبا لم تتبناها.
ومثل كلّ مطلع سنة منذ 10 سنوات، يكون شهر جانفي في تونس شهرا ساخنا مليئا بالتحركات والمظاهرات وكانت المنظمة الشغيلة تؤطّر المطالب “المشروعة” وتدعمها، لكن هذا العام إكتفى المكتب التنفيذي لمنظمة حشاد بنشر بيان عبّر فيه عن “استغرابه من صمت السلط” ودعا فيه إلى الكفّ عن الإحتجاج ليلا.
وليس إختفاء الإتحاد عن الساحة بجديد، فمنذ ظهور التسيقيات الجهوية التي تقود الإحتجاجات محليا وأحيانا وطنيا، أُزيحت المنظمة الشغيلة وفقدت دورها في تأطير التحركات والضغط على السلطة.
ومن الواضح أنّ قيادة الإتّحاد تعتكف حاليا على إنجاح مبادرتها السياسية بعيدا عن غوغاء المطالب الإجتماعية والإحتقان وكل الأحداث التي أصبحت تتكرّر دورّيا دون أن يستفيد منها أي طرف ماعدا بعض الإتهامات التي يواجهها باستمرار والمتعلّقة بوقوفه وراء أجندات تسعى لتعطيل عجلة النمو، العاطلة أساسا.

مشاكل داخلية

قد يفسّر التراجع الميداني للإتحاد العام التونسي للشغل، أيضا، من زاوية أخرى، تتعلق بالإنقسام الداخلي للمنظمة العريقة والذي أثمر تجميدات لعديد النقابيين الرافضين لخيار تنقيح الفصل 20 من النظام الداخلي والذي يسمح للمكتب التنفيذي الحالي بتجديد العهدة، في سابقة لم تشهدها بطحاء محمد علي.
فبعد أسابيع من الشدّ والجذب، أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل تأجيل مؤتمره الاستثنائي غير الانتخابي الذي كان من المزمع عقده يومي 26 و27 أكتوبر الماضي “بسبب الوضع الوبائي”، وللإشارة فإنّ عددا من النقابيين كانوا تقدّموا بقضية إستعجاليّة لإبطال عقد المؤتمر.