أعلنت وزارة الصحة أمس السبت 23 جانفي 2021، عن جملة من الإجراءات في إطار مجابهة فيروس كورونا وكبح انتشاره في تونس بعد تسجيل أرقام قياسية في إصابات ووفيات الفيروس، لكن هذه القرارات الجديدة هي بالأساس إعادة لما وقع إقراره سابقا من إجراءات قبل إعلان الحجر الصحي الشامل لمدة أيام، في إجراء لقي انتقادات كبيرة في الشارع التونسي.

طبقة سياسيّة تهاب 14 جانفي..

وفي قراءة لهذه القرارات الجديدة القديمة وتداعياتها على حياة التونسي الذي يعيش بطبعه حالة إحباط كرّسها واقع سياسي واقتصادي واجتماعي، اعتبر الباحث في علم الاجتماع معاذ بن نصير، في تصريح لـ”JDD”، اليوم الأحد 24 جانفي 2021، أن الإجراءات الصحية التي وقع إقرارها بخصوص إجراءات مجابهة فيروس كورونا، قرارات سياسية للطبقة الحاكمة، وهو ما يلخص إعلان الحجر الصحي الشامل لمدة 4 أيام فقط بتعلة انتشار الوباء لكن هذا القرار يعكس خوف الطبقة السياسية من الاحتجاجات نظرا لرمزية يوم 14 جانفي 2021، الذي تزامن مع الذكرى العاشرة للثورة.

وأوضح بن نصير، أن إعلان الحجر الصحي الشامل ثم تفاديه والعودة إلى نمط الحياة العادي، أيضا يمكن تصنيفه كقرار سياسي بتعلّة تنامي الاحتجاجات والحراك الشعبي بالشارع التونسي وبالتالي تصبح الاستراتيجية الخاصّة بالحكومة للـ”هروب نحو الأمام”، وتفادي الاحتجاجات الشعبية الجماهرية خاصّة مع الأخذ بعين الاعتبار بأن شهر جانفي يبقى شهر الاحتجاجات والحراكات الاجتماعية بصفة كبيرة.

تنامي الاضطرابات النفسية لدى التونسيين

وبين الباحث في علم الاجتماع أنه وعلى مستوى الإجراءات التي وقع تمديد العمل بها على غرار منع التنقل بين المدن ومنع التجمهر والتجمعات الخاصة والعامة والتباعد الجسدي، لها عديد التأثيرات و الآثار على مستوى النفسي والسلوكي للمواطن التونسي عموما وللطفل والمراهق خصوصا، حيث أنه ليس سهلا على الفرد أن يتحمل منعه من حرية التنقل والتجمهر والتحرك، بالنظر إلى أن التونسي وأمام طبيعته النفسية والسلوكية فهو كائن حركي بطبعه ويريد الحركة ولا يتحمل تقييد حرياته، لذلك علينا الإقرار بأن هذه القرارات السياسية بالأساس، ستزيد من تنامي حالة الإحباط واليأس لدى التونسي، جراء القرارات الإرتجالية للحكومة الحالية ، وبالتالي يمكننا الحديث هنا عن تنامي الاضطرابات النفسية وارتفاع مؤشر خيبة الأمل واليأس لدى التونسيين.

لخبطة سياسية

وفي تقاطع مع هذه القرارات وما انجرت عنه من غلق لعدد من مواطن الشغل و فقدان العديد من التونسيين لوظائفهم، فإن تداعيات هذه القرارات ستكون كبيرة على مستوى البطالة التي تؤثر بشكل كبير على نفسية التونسي، حيث أن فقدان مورد الرزق من شأنه أن يتسبب في ارتفاع نسب الفقر داخل المجتمع التونسي وبالتالي تنامي حالة الاحباط وهو ما ينعكس بدوره سلبا على الوضعية الإقتصادية للمواطينين خاصة وأن الواقع الاقتصادي الهشّ سيزيد كذلك من تنامي خيبة الأمل واليأس، وهنا علينا الإقرار بأن اللخبطة السياسية وعدم الإستقرار السياسي سيؤديان بالضرورة إلى عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وهذا ما لاحظناه ببلادنا، وفق ما بينه المختص.

فالقرارات الجديدة القديمة كان لها تداعيات خطيرة على المستوى النفسي والاقتصادي والاجتماعي، فيما انعكست الأزمة الاقتصادية على التحركات الاحتجاجية الأخيرة بشكل كبير، على الشعب التونسي الذي يعيش حالة كبيرة من الخصاصة، فيما تسبب الحجر الصحّي أو ما يسمى بـ”كبت الحجر الصحي” وحبس المواطن في منزله ومنعه من الخروج، جعل المواطن التونسي يخرج ويحتج ويتمرد على هذه القرارات التي يعتبرها الأغلب ليست مجرد قرارات صحية و إجراءات بروتوكول صحّي بقدر ما هي قرارات سياسية.