لا حديث لعموم التونسيين والطبقة السياسية خلال الأيام الأخيرة، غير التحرّكات الليلية التي اجتاحت كلّ المدن تقريبا واختلفت المواقف حول تسميتها، بين مُشيطن يعتبرها مدفوعة الأجر لإرباك البلاد وبين من يعتبرها حراكا شعبيا مشروعا.
ورغم هذا النقاش الوطني الذي فُتح على مصراعيه ليعيد الأحزاب والمنظمات للحديث عمّا آلت إليه “ثورة الشباب” إلى جانب تزامن ذلك مع تحوير وزاري مثير للجدل فإنّ الحكومة ارتأت الصّمت.

التحرّكات الليلية

مرّت أيّام منذ إندلاع التحرّكات الليلية في سوسة، يوم الأربعاء الماضي، حيث قام شبان بإضرام النيران في العجلات وغلق طريقين رئيسيين في عدد من الأحياء الشعبية المتاخمة للمدينة.
تتالت بعد ذلك التحركات وتوسعت جغرافيا وأخذت منحى أعنف خاصة بعد حادثة اعتداء رجل شرطة بلدية على أحد الرّعاة أمام مقر ولاية سليانة.
مغازات تعرّضت للنهب ومحاولات لخلع فروع بنكيّة ومحلات تجارية، كلّ ذلك لم يحرّك ساكنا للحكومة ورئيسها فبعد حوالي أسبوع من الكرّ والفرّ لم تصدر وزارة الداخلية أيّ بلاغ رسمي توضّح فيه حقيقة الأوضاع الأمنيّة في البلاد أو تقدّم فيه روايتها للأحداث وتحمّل فيه مسؤولية الوضع لأي طرف أو حتّى لكفّ الروايات المبعثرة التي تتهم أطرافا سياسية بعينها بتأجيج الأوضاع.
واكنفت الوزارة ببعض التصريحات الخجولة على لسان ناطقها الرّسمي أو المتحدّث باسم الإدارة العامة للأمن الوطني العميد وليد حكيمة الذي قدّم أرقاما حول عدد الموقوفين إلى جانب تأكيد وجود قصّر من بين المتظاهرين.
رئيس الحكومة هشام المشيشي، ظهر مساء السّبت في نقطة إعلامية للكشف عن تفاصيل التعديل الوزاري ولم يتعرّض ولو بالإشارة إلى ما تعيشه البلاد من احتقان ووضع أمني مريب.
وفي هذا السّياق، استغرب الإتحاد العام التّونسي للشغل، في بيان نشره اليوم الإثنين 18 جانفي 2021، صمت السلط على ما يجري مطالبا بتوضيحات شافية تبدّد الإشاعات وتطمئن عموم التونسيات والتونسيين وتحمّل المسؤوليّات، وفق تعبيره.

التحوير الحكومي

واصلت الحكومة نهج الصمت أيضا فيما يتعلّق بالملفات المثارة حول عدد من أسماء الوزراء المقترحين فلم يخرج إلى حدود السّاعة أي مسؤول للردّ على كلّ الإتهامات الموجهة من نواب وشخصيات سياسية ومنظمات مدنية.
فمنذ ليلة الإعلان عن التشكيلة الجديدة للحكومة أصدرت منظمة “أنا يقظ” بيانا دعت فيه إلى تجنّب التعيينات المشبوهة على خلفيّة إقتراح عضو حزب قلب تونس سفيان بن تونس على رأس وزارة الطاقة والمناجم مؤكّدة أنه يرأس شركة تضم المحامي محمد الزعنوني المشرف على إمضاء ما يعرف بعقد “اللوبيينغ” بين رئيس قلب تونس نبيل القروي والضابط السابق بالموساد الإسرائيلي آري بن ميناشي.

من جهة أخرى، أكد النائب عن الكتلة الديمقراطية بدر الدين القمودي، اليوم الإثنين، أن ملفات فساد وشبهة تضارب مصالح تتعلق بوزير التشغيل المقترح يوسف فنّيرة.

كما دونت النائب عن الكتلة الديمقراطية، ليلى حداد: “المشيشي عزز فريق حكومته بدون أن يطلع الشعب على بطاقات سوابقهم التي تناثرت على التواصل الاجتماعي، فنحن نعلم أن تعيينات حزامه السياسي لا تخلو من رائحة الفساد”

وأكّد رئيس الهيئة السياسية لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية سمير بن عمر، أنّ “وزير التشغيل المقترح كان يشغل خطة مدير عام الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل، وقد وقعت إقالته بسبب تورطه في شبهات فساد وتضارب مصالح (أعطى لأخته 400 ألف يورو عن طريق مكتب تكوين تتولى إدارته – عين إحدى معارفه ملحقة في فرنسا رغم عدم انتمائها لقطاع التشغيل أصلاً). يخشى أن تكون هذه الترقية/ المكافأة بغرض قبر ملفات الفساد بالوزارة وحماية مصالح العصابة”، وفق قوله