“السيادة الرّقمية” مصطلح يبدو غريبا على التونسيين لكنّه بدأ في إثارة القلق في الأوساط الأوروبية بسبب قانون التكنولوجيا السحابية في الولايات المتحدة الامريكية والمعروف أيضا بقانون كلاود الذي تم إقراره منذ سنة 2018.

ماهو قانون كلاود؟


جاء القانون الأمريكي الجديد لتعويض قانون “الاتصالات المخزنة” لعام 1986 للسماح بإنفاذ القانون الفدرالي لإجبار الشركات التكنولوجية القائمة في الولايات المتحدة عن طريق مذكرة أو استدعاء لتقديم البيانات المطلوبة المخزنة على الخوادم (serveurs) بغض النظر عما إذا كانت البيانات مخزنة في الولايات المتحدة أو على أراض أجنبية.
 ويسمح قانون كلاود للمدعي العام الأمريكي بإبرام اتفاقات خاصة تجعل من الممكن للوكالات الأمنية الأمريكية وشركائها في الخارج الحصول على البيانات الشخصية للمستخدمين المخزنة في الخارج من دون أمر من المحكمة.
وينصّ مشروع القانون على إسقاط مبدأ المعاملة بالمثل، ما يعني أن الاتفاقية المذكورة لن تنطبق على طلبات توفير بيانات شخصية للمستخدمين في الولايات المتحدة الأمريكية.

قلق أوروبي

بدأ بعض المختصّين في مجال تكنولوجيا المعلومات بإطلاق صفّارات الإنذار، ورغم أنّ الموضوع مازال لم يتّخذ بعدا جماهيريا غير أنّ صنّاع القرار غرب المتوسّط يبحثون سبل التخلّص من هذه الهيمنة الرقمية.

في فرنسا، أعلن البرلمان ووزارة الدفاع أن أجهزتهما الرقمية ستتوقف عن استخدام محرك البحث غوغل وستستبدله بمحرك كوانت (Qwant)، وهو محرك بحث فرنسي وألماني يؤكّد عدم تتبع مستخدميه، حتى تعطي المؤسستان “مثالا يحتذى به للشركات.

واختارت شركات “رينو” و”أورانج” و”دويتشه بنك” و”لوفتانزا” أخيرا “جوجل كلاود”، بينما وقعت “فولكسفاجن” اتفاقا مع “أمازون ويب سيرفسز”. وأما وزارة الصحة الفرنسية، فاختارت “مايكروسوفت” لحفظ بيانات أبحاثها.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “إذا لم نقم بتنظيم الإنترنت، فإن الخطر يكمن في قلب أسس الديمقراطية”، مضيفًا “إذا لم نقم بتنظيم علاقات الشركات بالبيانات، فما الهدف من الحكومة المنتخبة ديمقراطيا؟”، وفق تعبيره

وأثار هذا الاتجاه القلق، خصوصا في ألمانيا، التي تملك كنزا من البيانات بفضل قطاعها الصناعي القوي، حيث حذّر تقرير صادر عن مجموعة من الخبراء من الأمر مشيرا إلى أنّ أغلب البيانات الأوروبية مخزّنة خارج القارّة.

ماذا عن تونس؟

لم يتجاوز الحديث عن الأمن السيبرني في تونس جدران معهد الدفاع الوطني الذي نظّم الدورة الوطنية السابعة والثلاثين في صائفة 2020، تحت عنوان “السيادة الرقمية للبلاد التونسية وانعكاساتها على الأمن القومي”، وأوضح  الوزير السابق، حينها عماد الحزقي أن تقرير الدورة “يشكّل وثيقة مرجعية علمية  لمقاربة شاملة لمشروع استراتيجية السيادة الرقمية ويؤسس لسياسة رقمية داعمة للأمن القومي تلائم بين الإستفادة من الفضاء الرقمي والتوقّي من المخاطر والتهديدات السيبرنية”.
ووجه عدد المواطنين عريضة على الأنترنت ، قبل سنة، إلى رئيس الجمهورية للمطالبة بإحداث هيئة وطنية مستقلة للسيادة الرقمية.


.