قال وكيل الجمهورية السابق بالمحكمة الإبتدائية بتونس القاضي البشير العكرمي إنه يرفض كل اتهام له بالتحزب أو بخدمة مصالح السياسيين أيا كان مصدره، مضيفا أن هذا الاتهام ما كان ليوجه له لو لم يكن قاضي التحقيق الذي تعهد بملف اغتيال الشهيد شكري بلعيد كما لم يكن ليتابعه لو اختار أن يخضع لما كان يطلب منه من اهتمام بالسياسة في إدارة أبحاثه، وفق قوله.
وأكد العكرمي في حوار لمجلة “المفكرة القانونية” في عددها المنشور الخميس 7 جانفي 2021، أن أطرافا طلبت منه توجيه الاتهام لأسماء شخصيات محددة في قضية إعتيال الشهيد بلعيد ليس انطلاقا من الملف بل بالاستناد لمواقف سياسية منها، ورفض الاستجابة.
واتهم القاضي أحد وزراء العدل بمحاولة ممارسة ضغوط عليه لاعتبارات سياسية بهدف أن يستجيب لطلبات القائمين بالحق الشخصي في قضية الشهيد بلعيد وأن يوجّه ما يسمى بـ”الاتهام السياسي” على شخصيات سياسية أساسا من قيادات حزب حركة النهضة، مضيفا أنه أجاب الوزير حينها بوضوح وتمسك برفض الانخراط فيما يطلبه، وفق تعبيره.
وأضاف أن الوزير المذكور هدّده بفتح بحث ضده بالتفقدية العامة فأعلمه أنه لا ينزعج من ذلك وهو ما تم فعلا، مشيرا إلى أن أعمال التفقد انتهت بدورها لتأكد أنه اشتغل بمهنية كاملة و” هذا لم يقنع ذاك الوزير الذي واصل في هرسلته لآخر أيام عمله”، وفق قوله.
عملية باردو
صرح البشير العكرمي أنه عهد فرقة أمنية متخصصة في الجرائم الإرهابية بالبحث في موضوع متحف باردو بمقتضى إنابة عدلية، مضيفا أنه كان يتابع يوميا عمل الفرقة هاتفيا وكان يتم إعلامه بكون الأبحاث تتقدم، لاحقا وعند جلب الموقوفين لمكتبه، كان جميعهم يحمل آثار تعذيب وحشي وأحدهم نزعت فروة رأسه بالكامل والبقية يعجزون عن الوقوف دون مساعدة، حسب روايته.
وقال إنه لم يكنْ من اللائق استنطاقهم فاكتفى بسماع أولي لهم أكد فيه جميعهم أن الاعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب فضمنت المحاضر معاينات آثار التعذيب وأذن بعرض كل المتهمين على الخبرة الطبية لإثبات ذلك. كما سحب الإنابة من تلك الفرقة وأحالها لغيرها وأذن بجملة من الأعمال الفنية للتأكد من صحة المعطيات الواردة بتلك المحاضر من عدمها.
وأكدت الاختبارات الفنية أن ما ورد بالاعترافات محض افتراء من الباحث وجزم الاختبار الطبي بوقوع التعذيب كما انتهت الأبحاث الجديدة والتي كانت تتم وفق الضوابط القانونية إلى الكشف عن الشبكة الحقيقية الضالعة في الاعتداء باعتماد وسائل البحث الحديثة لا الممارسات البالية التي فتح فيها بحث تحقيقي، وفق قوله.
وصرح القاضي أن عددا من النواب ومنهم نواب من حركة النهضة زاروا مقر الفرقة التي تمّ بها ممارسة التعذيب وقدموا باقة زهور لأعوانها كعنوان مساندة لهم فيما اعتبروه استهدافا لهم.
الجهاز السري
اعتبر البشير العكرمي أنه لا توجد قضية اسمها “الجهاز السري” وهو مجرد مصطلح إعلامي وسياسي مضيفا أن النيابة العمومية اطلعت على ما ورد بندوة صحفية عقدها فريق الدفاع عن القائمين بالحق الشخصي في قضيتي اغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمي حول وجود غرفة بمقر وزارة الداخلية بها ملفات سرية مخفية. تولى إثرها ورغم عدم ورود أي شكاية في الموضوع فتح بحث تحقيقي إرشادي .
وتابع أن قاضي التحقيق في المكتب 12 المتعهد بملف قضية الشهيد البراهمي تحول لمقر وزارة الداخلية وحجز الوثائق الموجودة بتلك الغرفة وباشر البحث فيما تعلق بها. من جهة أخرى، تقدم القائمون بالحق الشخصي بشكاية للوكالة العامة للقضاء العسكري تخلى عنها لفائدة القضاء العدلي وكيل الجمهورية العسكري، فتمت إحالتها من تاريخ ورودها لفرقة مختصة للبحث، وهو ما اعتبره الدفاع تقصيرا من النيابة العمومية في حين قال العكرمي أنه يقدر أنه “أجرى اللازم ولا ينسب له أي تقصير حقيقي”.
التنصت على القضاة
شدد العكرمي أنه لم يصدر عنه إلا إذن وحيد بالتنصت الهاتفي على قاضٍ وكان الموضوع في شبهة رشوة وتحيل والقضاء لا زال يتعهد بالموضوع، مشيرا إلى “أنه فخور برفضه التستر على الفساد بعنوان الزمالة “.
وأضاف أنه لا يقف وراء التنصت الثاني لكنه ساهم في منعه موضحا أن المدير العام السابق للأمن الوطني تقدم للنيابة بشكاية في تنصت يستهدفه مع عدد من الشخصيات العامة، فتولى إجراء كل الأبحاث والاختبارات لكشف من تورط في هذه الجريمة.